Monday, December 25, 2006





التغريـــــــــــــــــــــــــــــــب


لماذا لا ينطق المصريون اللغة العربية كما يجب ان تنطق...؟
لماذا يندر أن نجد من المصريين من يجيد اللغة العربية – خاصة عند المحادثة- مقارنة بغيرهم...من العرب...السوريون أو الفلسطينيون مثلاً..؟

لماذا لا نحب لغتنا ونحترمها ونحرص على إستخدامها كما تفعل كل الأمم فى العالم ؟

لماذا تتبارى عندنا السيدات-بل والرجال – فى إظهار الرقى و التحضر بنطق حروف اللغة بشكل ممسوخ ومضحك وفيه تقليد واضح لنطق هذه الحروف فى اللغات الأجنبية ؟
أنظر إلى مذيعة التليفزيون ..أو ...إحدى السيدات المتحدثات وهى تنطق حرف الطاء أقرب إلى التاء، و حرف الصاد لا هو صاد ولا هو سين ...كدليل على الرقة و الأنوثة !

لماذا نستميت ونحرص كل هذا الحرص على تعليم الأطفال منذ نعومة أظافرهم اللغة الإنجليزية ..أو غيرها من اللغات الأجنبية ؟ هل هذا يفيدهم حقاً ؟ هل إتقان اللغات الأجنبية – على حساب اللغة الأم – يجعلنا شعباً أفضل ؟ أو أرقى ؟
ألم نلاحظ أن هذا يحدث بينما كل شىء يؤكد أننا نهوى من حالق فى ميزان التقدم والحضارة.
لقد درسنا وكذلك أباؤنا، فى المدارس العربية ..المجانية ...وكانت اللغة الإنجليزية تدرس كلغة فقط ، ومع هذا فإننى أقطع بأن مستوى الكثيرين منا لا يقل بل و يفوق معظم أبنا ء هذا الجيل الذين يكلفون أهاليهم المبالغ طائلة فى تعليمهم فى المدارس الأجنبية و"الأكاديميات" ...

لماذا نعتقد أن تمكننا من اللغة الإنجليزية ومنافسة ونستون تشرشل فى نطقها هو عمل عظيم وممتاز وهو خطوة فى طريق التقدم ؟ لماذا لا نجد هذا فى بلاد الله الأخرى المتقدمة... والمتخلفة......أياً كانت ..تركيا...إيران ...جنوب شرق آسيا...الصين ...اليابان ...أمريكا الجنوبية...إسرائيل
الغرب حرف أسماء مدننا ...وبلادنا ...و اسماءنا... لينطقونها بالشكل الذى يناسب مخارج الفاظهم..أو بالشكل الخاطىء الذى تصوروه و إعتادوا عليه...
القاهرة هى كايرو...السويس هى سويز...ودمشق هى دماسكس...والجزائر اصبحت ألجير أو ألجيريا .
محمد ينطقونه موهميد...وصلاح الدين سلادين. شىء سخيف.
يمكننا أن نتفهم إعوجاج ألسنة الأعاجم والخواجات وعدم قدرتهم على نطق مخارج الألفاظ العربية بسهولة وقد نتغاضى على مضض عن الأسلوب العابث الذى ينطقون به أسمائنا..
ولكن المضحك والمبكى هو أننا فى كثير من الأحيان نقلدهم فى نطق أسمائنا بنفس الشكل الأعوج وغير السوى الذى ينطقونها به كنوع من إظهار التقدم ، أو كدليل على على ما إنتهينا إليه من الحضارة والرقى. حسبى الله ونعم والوكيل.

لماذا يحرص الكثيرون على نطق وكتابة إسم أقدس بقعة لدى المسلمين مكة-فى اللغة الإنجليزية - بكسر الميم ؟
جرب كتابة كلمة "مكة" فى نص إنجليزى بالكسر -وهو النطق الخطأ - ومرة ثانية بالفتح -وهو الصحيح - تجد برنامج النسخ المستخدم ، والذى لابد قد إشترك فى تعريبه أبناء العربية، قد قبل الاولى ووضع خطاً تحت الثانية !! لماذا ؟
فلماذا نقتل أنفسنا لننطق الأسماء الأعجمية كما ينطقها اللاتين و الأنجلوسكسون ؟
لماذا لا نعلم أبناءنا أن يثقوا فى لغتهم و تراثهم و أن يحترموا لغتهم ..؟

عندما كان العرب يتمتعون بالثقة فى أنفسهم ، كانوا لا يستنكفون من نطق الألفاظ والأسماء بشكل معرب ..وبأوزان عربية ...ولم يكونوا ليلقوا أى إهتمام إلى رد فعل "الخواجات" أو الفرنجة" ..أعجبهم هذا أم لم يعجبهم ...
القسطل..إسم مدينة فى فلسطين . هى تعريب لكلمة "كاستل"..القلعة. فى العصور الوسطى أطلق العرب على "ريجنالد" إسم" أرناط" وسميت "كونستنتينوبل" بالقسطنطينية ...وغير ذلك من الأمثلة ما لا يعد ولا يحصى.

فى حضارة اليوم التغريبية ...اللباس كلمة بذيئة !...ولا يصح لمتحضر أن ينطق بها ..." الكلت أو السليب" كلمات مقبولة ولا بأس بها !
إياك أن تقول العادة الشهرية – تلك الكلمة الفظيعة ! – خاصة فى حضرة الجنس اللطيف. عليك بإستخدام تعبير "البريود" الإنجليزى حتى لا ينفر الناس منك ولا تسبب ذعراً لربات الخدور وسيدات الصالونات وتخدش حياءهم.

فى مصر...تتصل بإحدى الشركات أو قد يتصلون بك ، فإذا بسكرتير أو سكرتيرة تدعوك بلقب " مستر" ... مالها "سيد" أو أستاذ أو أخ؟!! ألفاظ لاتفى بالغرض ؟ أقل جودة أوفخامة ؟

أذكر أننى كنت فى المانيا عام 1971 وأنا فى مقتبل الشباب... وإتصلت تليفونياً بجهة ما للإستعلام عن موضوع ما. وحاولت أن أطلب من السيدة التى كانت معى على الجهة الأخرى من الخط أن تستخدم الإنجليزية لأنى ألمانيتى ضعيفة...أذكر جيداً أن تلك السيدة بعد أن رفضت إستخدام لغة غير الإنجليزية ،حرصت على إعطائى توجيهاً محدداً أو نصيحة..."أنت فى ألمانيا ..عليك أن تتحدث الألمانية" .
فى حادثة اخرى فى نفس البلد عام 1992 وقفت فى طابور طويل لشراء تذاكر عرض مسرحى ..فلما وصلت إلى الشباك ، رفضت الموظفة الجالسة على الناحية الأخرى أن أستخدم معها لغة غير الألمانية ...و أصرت بشكل فظ على أن أحدد طلبى منها بالألمانية حتى أستطيع أن أشترى التذاكر. وكان ما أرادت .
المشكلة ولا شك كبيرة ولها جذور عميقة و ضاربة فى أعماق تاريخنا وتطورنا ..لا بد أن الإحساس بالتأخر قد قاد إلى الإحساس بالضعف والهزيمة أمام الأجنبى وحضارته والرغبة فى تقليده..ولكن للأسف أن هذا التقليد قلما وجد سبيله إلى أسباب التقدم والنهضة الحقيقية ، بل إتجه إلى الشكل الخارجى . لم نفعل كثيراً للتحلى بالإنضباط والدقة فى المعاملات..لم نركز على أخلاقيات المجتمعات المتقدمة ونتعلم منهم الإخلاص فى العمل و روح الفريق .
بدلاً من هذا سارعنا للتخلى عن أفضل ما عندنا ..لغتنا الجميلة وثقافتنا العريقة..وفقدنا - أو نكاد - هويتنا و أصالتنا وصرنا مسخاً.

Labels: